تأويل الأحداث الكونية: هل ما يجري عقوبة أم ابتلاء؟

BY: Administrator

إنّها الكوارث والمعاناة البشرية ذاتها التي تتفجّر منها أسئلتنا في وضعنا المعاصر من نوع: لماذا لا يتدخّل الله في سوريا لإنقاذ الأبرياء؟ أو أين الله عمّا يجري في غزّة لنصر المسلمين؟ ولماذا سقطت رافعة الحرم المكيّ وقتلت المُصلّين الأبرياء؟ بماذا أخطؤوا؟ وهل هذا الفيروس عقوبة لنا على أفعالنا الماضية؟ وهل الحياة ستكون أكثر سهولة على أولئك الطيّبين والصالحين من النّاس؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات فنحنُ بحاجة إلى تفكيك ومناقشة ثلاث قضايا رئيسية، هي: أولًا، مفهومَيْ الابتلاء والعقوبة، وثانيًا: لماذا يؤمن النّاس بعقيدة العاقبة الأخلاقية؟، وثالثًا، النموذج التفسيريّ الإيمانيّ للكَون والحكمة الإلهية.


ولقد تأمّلت حالا عجيبة… مثل اخترام شاب ما بلغ بعض المقصود بُنيانُه، وأعجبُ من ذلك أخذُ طفل من أكفِّ أبوَيه، ولا يظهر سرّ سلبه، والله غني عن أخذه، وأبوَيه أشدّ الخلقِ فقرا إلى بقائه، وأظرفَ منه إبقاء هَرِم (كبير في السنّ)، وهو لا يدري معنى البقاء، وليس له في بقائه إلّا مُجرّدُ الأذى، ومن هذا الجنس: تقتير الرزقِ على المؤمنِ الحكيم، وتوسعته على الكافر الأحمق. وفي نظائرَ لهذه المذكورات يتحيّر العقلُ في تعليلها فيبقى مَبهوتا“.

(صيد الخاطر، ابن الجوزي)

يعتقد جزء كبير من النّاس أنّ الأحداث الجيّدة تحصل للناس الجيّدين، وأنّ الأحداث السيئة تحدث للناس السيّئين، وأنّ الكَون في هذه الحياة يُكافئ الأشخاص الصالحين بالعواقب الجيّدة، وأنّه يُعاقب الظلمة والفاسدين بالعواقب السلبية، وهو ما نطلق عليه اسم العاقبة الأخلاقية (Karma). هنا، تبرز المشكلة الأولى، إذ إنّ مفهوم العاقبة الأخلاقية يُعدّ دخيلا من الناحية العَقدية، وقادم من الديانات الشرق آسيوية. فالحياة بالتصوّر الإسلاميّ مليئة بالمصائب والامتحانات التي تشمل الجيّدين والسيّئين، فمن أشكال الابتلاء: “ولنبلونّكم بشيء من الخَوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين“(1).

حتّى إنّ القرآن قد تنبّه لهذا المعتقد، وهذا التصوّر في أنّ الإنسان قد يظنّ أنّ ما يحدث به في الدنيا من مصائب أو نِعَم إنّما هو تعبير عن الرضا أو السخط الإلهيّ، “فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)”(2). لكنّ القرآن يُنبّه على الفور في الآية التي تليها أن: “كلّا“، (17)، أي ليس الأمر كما ذهبتم إليه، ليس الإكرام الدنيوي دليلا على الرضا، ولا المصيبة دليلا على السخط بالضرورة، ومثله قوله تعالى: “أيحسبون أنّما نُمِدُّهم به من مال وبَنين (55) نُسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون (56)“(3).

مشكلة الإيمان بالعاقبة الأخلاقية بشكلها المطلق هي أنّه لو كان كلّ إنسان يحصل على جزاء عمله الصالح في الدنيا، وكلّ إنسان يحصل على جزاء عمله السيّئ في الدُنيا، فإنّ هذا سيُلغي أي قيمة لليوم الآخر وللحساب والعقاب، إذ لا حاجة إليه، لأنّ كلّ الناس حصلوا بالفعل على عاقبة أفعالهم ونالوا ما يستحقّون في الدنيا. كما أنّ هذا التفسير لن يُسعفنا كثيرا حين نرى طفلا بريئا يعاني من السرطان، وامرأة صالحة تتعرّض للمصائب المتتالية في حياتها.

ولأنّه لو كان كلّ مصيبة أو كارثة كونية أو ابتلاء تعبيرا عن سخط إلهيّ، فحينها سنقع في مأزق عند تفسير عدد من الأمور:

  • ابتلاء الأنبياء، وهُم الذين لا يعصون الله ولَم يعصوه، وهم أتقى الخلق وأكرمهم عند الله، مع هذا امتُحنوا بفقد الأحباء، والمَرض، والأذى، والمطاردة، وغيره من أشكال الابتلاء، فصبروا وشكروا.
  • عَيش بعض الصّحابة الكِرام في زمان ومكان حلّ به الطّاعون، فمَن يجعل من الطاعون عقوبة حصلت كعاقبة أخلاقية بالضرورة لأفعال النّاس فإنّما يقدح بأخلاق الصحابة وتقواهم وإيمانهم.
  • وثّق القرآن الكريم قصّة خالدة عن أصحاب الأخدود الذين آمنوا بالله، وألقى بهم الملك الظالم في أخدود أشعل فيه النّار فماتوا على الإيمان، فماتوا مظلومين وعاش الظلمة، لقد كانوا مؤمنين بوصف القرآن نفسه، ومع هذا ماتوا مظلومين حرقا بالنّار، لكنّ الله سينتصر لهم يوم القيامة إعادة لحقوقهم، ومكافأة لهم على صبرهم وإيمانهم.


إذا لَم يكن الأمر عواقب أخلاقية محضة، فما الذي إذن يقوله لنا التصوّر الإسلاميّ؟

 

قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نُدرك أنّ الدين لا يُفهَم بنصّ واحد ولا بحديث أو آية واحدة، وإنّما بمجموع نصوصه، وبأصوله ومقاصده وروحه، إذ إن بعض الأدلّة أقوى من بعض، وبعضها ذو دلالة أوضح من غيره، وفي هذا يقول الإمام الشاطبي في الموافقات: “فاستُشكل الاستدلال بالآيات على حِدَتها، وبالأحاديث على انفرادها“(4)، والأدلّة الشرعية متوقّفة في دلالتها -بعد صحّة سندها- على: “نقل اللغات، وآراء النحو، وعدم الاشتراك، وعدم المجاز، والنقل الشرعيّ أو العاديّ، والإضمار، والتخصيص للعموم، والتقييد للمُطلَق، وعدم الناسخ، والتقديم والتأخير، والمُعارِض العقليّ“(5). ومَقصِد الشاطبيّ هُنا أنّ كلّ دليل شرعيّ بحاجة إلى أن نتحقّق من دلالته عبر عدّة اعتبارات لكي نفهم دلالته، ولكي لا يكون نصّا مُقيّدا أو مخصوصا بحَدَث أو فئة أو زمان أو منسوخا من أساسه.

وعليه فإنّ الأصوليين وأصحاب المدرسة المقاصدية وعلى رأسهم الشاطبيّ يَرون أنّ الشريعة مُكوّنة من كُلّيات وجُزئيات، وأنّ الجُزئيات يجب ألا تتعارض مع الكُلّيات أو تعودَ عليها بالبُطلان. ومن الأمثلة التطبيقية على فكرة الكُلّيات وكيف تحكم على الجُزئيات وتضبطها ما ذكره ابن القيّم في كتابه “إعلام المُوقِّعين” حين قال: “فإنّ الشريعة عَدل كُلّها، ورحمة كُلّها، ومصالح كُلّها، وحِكمة كُلّها. فكلُّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدّها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليسَت من الشريعة، وإن أُدخِلَت فيها بالتأويل” (6).

 


والآن يُمكِن أن نجيب عن هذا السؤال ضمن ثلاثة مستويات:

 

  • الإنسان ومكانته عند الله

من المقولات البديعة التي قد تختصر القول في هذا الشأن حكمة يذكرها ابن عطاء الله السكندريّ في حِكَمه، حين يقول: “إذا أردتَ أن تعرِف عند الله مقامَك، فانظر فيما أقامَك“(7)، أي إذا أردتَ أن تعرف مكانتكَ عند الله، فانظر إلى ما تفعله في حياتِك، فإن كُنتَ تفعل الخير، وتمشي في حوائج الناس، وتصدق في طلبك، ولا تظلم أحدا، وتقول وتفعل الخير، فمقامك عند الله خير، وإذا كُنتَ في حياتك تمشي في النميمة والكذب والخداع والمعصية وظلم الناس، فمقامك عند الله شرّ، فأحسن التصرّف. فمقام المرء ما يفعله، لا ما يُصيبه، وأصل هذا حديث النبيّ الكريم: “إنّ الله يُعطي الدّنيا مَن يُحبّ ومَن لا يُحبّ، ولا يُعطي الإيمان إلا مَن يُحبّ“(8). والجميل في هذا التصوّر أنّه يجعل مكانة المرء عند ربّه مسؤولية الفرد الشخصية، فمَن يسعى للخير ويلتزم فعل الخير فهو تعبير عن توفيق الله له ورضاه عنه والعكس.

 

  • الظلم المجتمعيّ والأخطاء البشرية

إنّ مصير الظالمين بحسب القرآن يحتمل وجها من وجهين، ففي سورة مريم يقول الله عزّ وجلّ لنبيه: “قلّ مَن كان في الضلالةِ فليمدد له الرحمنُ مدًّا حتّى إذا رَأوا ما يُوعدون إمّا العذاب وإمّا الساعة فسيعلمون“(9)، أيّ إنّ الخيارات التي قد تحدث للظلمة والفاسدين إمّا أن تكون عذابا عاجلا في الدّنيا أو عذابا مُؤجّلا في الآخرة. وفي هذا أصل العدل، لأنّ من تمام حُرّية الإنسان أن يقدر على المعصية والخطأ والفجور، فقد يتوب وقد يصحّح أخطاءه، وقد لا يفعل فيلحقه الحساب الأخروي. والقصد هنا أنّنا لا نعرف من بعد موت النبيّ الكريم أيّ الحوادث أُريدَ بها عذابا لأصحابها وأيّها أُخِّر إلى يوم القيامة، لكن ما نعلمه أنّ الظلمة سينالون جزاءهم في نهاية المطاف.

 

  • الأحداث الكونية والظواهر الطبيعية

إنّ الأحداث الكونية تحمل حِكَما إلهية كثيرة يصعب تفسيرها على ظاهرها، ففي حادثة الإفك والتي يظنّ المرء للوهلة الأولى عند قراءتها أنّها مصيبة وشرّ ما بعده شرّ، يأتي القرآن ليقول: “إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ“(10). والقصد أنّ الأحداث الكونية لا تكون بالطريقة التي نفهمها بها فحسب، فما يبدو خيرا قد يحوي الشرّ، وما يبدو شرّا قد يحوي الخير، ولهذا فإنّ العطاء والنِعَم قد تكون في كثير من الأحيان شكلا من أشكال الامتحان، وبعض العطايا شرّ؛ لأنّها تُعينك على الفساد.

 

أحد المساجد بعد تعرضه لزلزال وأمواج تسونامي في إندونيسيا (رويترز)

أمّا على مستوى الأحداث الكونية، فقد أصرّ الرسول الكريم في مواضع عدّة من السيرة على فكّ التلازم بين الاعتقادات الشخصية والرغائبية وبين الأحداث الكونية، ففي حادثة كسوف الشمس التي حدثت بعد مَوت إبراهيم ابن النبيّ، صار الناس يتحدّثون أنّ الكسوف قد حدث لموت إبراهيم، لكنّ النبي سرعان ما أعاد تصحيح وتوجيه هذا التصوّر إذ قال: “لا، لم تنكسف لأجل إبراهيم، إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته“(11).

ومن الصحيح أنّ القرآن والسنّة مليئان بالنصوص التي تتحدّث عن أنّ تصرّفات الناس وفسادهم الأخلاقيّ والسلوكي قد يعود عليهم بالعواقب السيئة والأمراض والأوبئة والسّخط، وهذا لا ينكره إلّا غير مؤمن. لكنّ مَكمن الخطأ الجوهريّ هنا هو أن يدّعي إنسان ما أنّ مُراد الله من الكارثة الكونية أو الوباء إنّما هو عقوبة مُستحقّة على النّاس لفسادهم، لأنّ في هذا التعيين والتخصيص نوع من التجرّؤ على الذات الإلهية يضع فيها الإنسان نفسه في مقام الألوهية ويضع إدراكه وعلمه بشكل موازٍ للعلم الإلهيّ، فيحدّد من جهته مقاصد الله ومراده من أفعاله على وجه التخصيص، وهو ما حذّرت منه الآية الكريمة: “وما يعلم جنودَ ربّك إلّا هو“(12)، أي لا يستطيع أحد أن يُحدّد أيّ الأمور هي جنود من الله وعقوبة وأيّها ليست جنودًا، المُفارقة التي تحدث هنا هي أنّ نفس الأشخاص ورجال الدّين الذين يستخدمون هذه الآية، يستخدمونها بالشكل الذي يناقض دلالتها تمامًا، إنّهم يُشيرون لحدثٍ ما بكامل الشماتة وبكلّ التهكّم والسخرية لما حصل، يهزّون برؤوسهم وكأنّهم علموا جنود ربّك، فيقولون: وما يعلمُ جنودَ ربّك إلّا هو.

 



إذا كانت مجموع النصوص دائما تخالف التصوّر والاعتقاد الموجود لدى الناس حول العاقبة الأخلاقية، فلماذا يؤمن الكثير من الناس من المسلمين وغيره بالعاقبة الأخلاقية؟

 

في عام 1980 نشر عالم النفس الاجتماعي مَلفن جاي ليرنر كتابه: “الإيمان بعالَم عادل” (The belief in a Just World)، ويتحدّث فيه عن اعتقاد عابر للثقافات والديانات يُوجد عند الكثير من الشعوب أنّ العواقب الحسنة تحصل للنّاس الطيبة، والعواقب السيئة تحدث للناس الشرّيرة. وعند محاولة تفسيره لذلك، وجد ليرنر أنّ النّاس يُفضّلون أن يروا الأمور والعالم يسير بهذه الطريقة لتخفيف الحرج والضغط النفسي الواقع عليهم عند رؤيتهم للمصائب والظلم الذي يحدث من حولهم، فحين يؤمنون بهذا التصوّر يصير كلّ إنسان مُستحقّا لما يحصل معه، وبالتالي ليست مسؤوليتي أن أساعده أو أن أدافع عنه (13).

 


كتاب: “الإيمان بعالَم عادل” لعالم النفس الاجتماعي مَلفن جاي ليرنر

واستخلص ليرنر من أبحاثه حول هذا التصوّر فكرة لوم الضحية (Victim blaming)، وهو ما يشرحه رينييه جيرار في كتابه “العنف والمُقدّس” بقوله: “نُحبّ أن نُفكِّر بالضحية هكذا، باعتباره مُستَحِقّا لما حدث له، لأنّه عادة لم يرتكب أي ذنب يختلف عمّا نرتكبه نحن، وهذا يُقلقنا داخليا، فنبحث عن خصائص خاصّة فيه، نجعل أنفسنا استثناء عنه، ويجعل من مصيبته أمرا مشروعا“(14).

غالبا ما يُستَقطَب النّاس في اتجاهين مُتناقضين أمام أيّ حدث كَوني؛ فريق مُعلمَن ينزع القداسة عن الوجود وأحداثه ويُنكِر أنّ للحدث أبعادا غائية خلف الحدث، وفريق يُفرِط في قصدية الحَدَث إلى الحدّ الذي يدفعه إلى التألّي على الله وتحديد مقاصده الحتمية من الحدث وتوزيع العقاب والثواب.

أمّا المُؤمن وفق مجموع النصوص والأدلّة فإنّه مُتصالح مع وجوده، لا ينزع عن الوجود قداسته ولا يغيب عن آثار الله كونه ولا فاعليته وتدبيره، ولكنّه مع هذا يتواضع أمام قصوره المعرفي وجهله، وينشغل بما هو مسؤول عنه، وعما يجب عليه فعله (سؤال العمل) أمام الظرف الراهن، وباختصار، يُمكِن لنا أن نقول إنّ المؤمن يُشكّل تصوّراته أمام الأحداث الكونية:

 

يؤمن بأنّ لله حكمة في الأمور كلّها، يفهم بعضها ولا يدرك كثيرها، وأنّه لا يستطيع أن يحصر حكمة الله في سبب واحد فقط أو أسباب محصورة فقط، لأنّه يجهل مُراد الله الدقيق، ولأنه محدود بقصوره الإدراكيّ.

يؤمن أنّ الله يجزي ثوابا وعقابا، ويبتلي النّاس في الحياة الدنيا بالنعم وبالمصائب، فكلّ حدث يحمل خيره وشرّه، مهما بدا خيرا صرفا أو شرّا صرفا، “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبّوا شيئا وهو شرّ لكم“(30).

يراجع المؤمن نفسه، ويُقيّم ذاته وسلوكياته، لأنّ الأحداث الكونية دعوى لإعادة مراجعة المرء لذاته وإيمانه، وينصح مجتمعه بفعل الخير وينهاه عن فعل الشر ما استطاع بالحجّة العقلانية والأسلوب الحَسَن.

لا يستطيع أن يدّعي أنّه يعلم أنّ قصد الله من الحدث الكونيّ الفُلانيّ عقاب أو مكافأة، ففي تعيين المقصد الإلهي من الأفعال تعدٍّ على مقام الألوهية، ورفع للإنسان لنفسه من مقام المخلوق إلى مقام الخالق الذي يدرك قصده على وجه التحديد.

ينتقل مباشرة إلى سؤال العَمَل (ماذا يجب عليّ أن أفعل؟) عن طريق أخذه بالأسباب والسنن الكونية لمواجهة الحدث الكونيّ والسيطرة عليه وتقليل ضرره، والحدّ من انتشاره، والسعي بالبحث العلميّ والسلوك العَمَليّ، ولا ينشغل بالتأويل أو الانتظار، وهو من مقاصد الرسول الكريم في حديثه: “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها“(31).

مهما أتاه ما يحبّ أو حلّ عليه ما يكره فعليه دائما أن يسأل الله خير الأمر ويستعيذَ من شرّه، وأن يتضرّع إلى الله بالدعاء لكشف الغمّ أو لاستدامة النعم بالشكر والحمد.


جزء من المقال نُشر مُسبقًا على منصّة ميدان – الجزيرة، على الرابط هُنا