إذا تفكّرت قليلًا في نفسك والأصدقاء من حولك، ستجد أنّه ما من كائنٍ أكثر بؤسًا وإثارة للحزن مثل ذاك الكائن المُسمّى إنسانًا.
إنّنا من جهة ما.. نخشى البقاء وحيدين، فالوحدة موحشة، ومُجرّد تخيّلنا لفترة الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من عمرنا ونحن لوحدنا دون شريك نحبّه ويحبّنا، نهتمّ به ويعتني بنا، هذه الفكرة تُثير في وجدانك الرّعب والأسى، أن تعود كل يوم من وظيفتك، تبحث عن مفتاح المنزل، فتفتح لتجد الغُرَف الباردة والمُظلمة دون أن تجد شخصًا يُحبُّك تخبره عن الأوغاد الذين قابلتهم في الخارج قبل أن تعود لهذا المكان الدافئ.
لكنّنا من جهة أخرى، نعرف تمامًا أنّ الآخرين معظمهم أو أكثرهم غير جديرين بالثقة، فأن تُسلّم قلبك، هذا العضو الرقيق، بكامل إرادتك وطَوعًا لشخصٍ آخر، وأن يرى داخلك ويكتشف مخاوفك وهواجسك وأحلامك، كلّ هذه التجربة مرعبة أيضًا، فمَن يملك الوصول لهذا كلّه، يملك ممكنات إيذائك والتلاعب بك.
وأذكر أنّ الروائي الإنجليزي نيل جايمان بإحدى رواياته وصف تجربة الحبّ ببراعة، حين قال:
هَل وقعتَ يومًا في الحُب؟
فظيع، أليسَ كذلك!
إنّه يَجعَلُكَ تَشعُر بأنّك مُعرّض للهُجوم
وأنّك ضعيف تَقِف بلا أيّة أسلحة!
إنّه يشقُّ صَدرَك ويفتح أبواب قلبِك
وهذا يعني: أنّ بإمكان الشَخص الذي فتحتَ له قلبَك، أن يخترقَك من الداخل ويعبَث بِك |